تفسير ابن كثر - سورة الفاتحة الآية 1 | تواصل | القرآن الكريم

مرحباً بك زائرنا الكريم .. لك حرية الإستفادة والنشر

تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 15

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) (البقرة) mp3
وَكَذَلِكَ قَالَ الرَّبِيع بْن أَنَس وَقَتَادَة . وَقَوْله تَعَالَى جَوَابًا لَهُمْ وَمُقَابَلَة عَلَى صَنِيعهمْ " اللَّه يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانهمْ يَعْمَهُونَ " وَقَالَ اِبْن جَرِير أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ فَاعِل بِهِمْ ذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَة فِي قَوْله تَعَالَى يَوْم يَقُول الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَات لِلَّذِينَ آمَنُوا اُنْظُرُونَا نَقْتَبِس مِنْ نُوركُمْ قِيلَ اِرْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنهمْ بِسُورٍ لَهُ بَاب بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَة وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَله الْعَذَاب " الْآيَة وَقَوْله تَعَالَى " وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْر لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا" الْآيَة قَالَ فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ اِسْتِهْزَاء اللَّه تَعَالَى ذِكْرُهُ وَسُخْرِيَته وَمَكْره وَخَدِيعَته لِلْمُنَافِقِينَ وَأَهْل الشِّرْك بِهِ عِنْد قَائِل هَذَا الْقَوْل وَمُتَأَوِّل هَذَا التَّأْوِيل قَالَ : وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ اِسْتَهْزَءُوهُ بِهِمْ تَوْبِيخه إِيَّاهُمْ وَلَوْمه لَهُمْ عَلَى مَا رَكِبُوا مِنْ مَعَاصِيه وَالْكُفْر بِهِ قَالَ : وَقَالَ آخَرُونَ هَذَا وَأَمْثَاله عَلَى سَبِيل الْجَوَاب كَقَوْلِ الرَّجُل لِمَنْ يَخْدَعهُ إِذَا ظَفِرَ بِهِ أَنَا الَّذِي خَدَعْتُك . وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ خَدِيعَة وَلَكِنْ - قَالَ ذَلِكَ إِذَا صَارَ الْأَمْر إِلَيْهِ قَالُوا وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى " وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاَللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ " وَ " اللَّه يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ " عَلَى الْجَوَاب وَاَللَّه لَا يَكُون مِنْهُ الْمَكْر وَلَا الْهُزْء . وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَكْر وَالْهُزْء حَاقَ بِهِمْ - وَقَالَ آخَرُونَ قَوْله تَعَالَى " إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ اللَّه يَسْتَهْزِئ بِهِمْ " وَقَوْله " يُخَادِعُونَ اللَّه وَهُوَ خَادِعهمْ " وَقَوْله " فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ " وَ " نَسُوا اللَّه فَنَسِيَهُمْ " وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إِخْبَار مِنْ اللَّه تَعَالَى أَنَّهُ مُجَازِيهمْ جَزَاء الِاسْتِهْزَاء وَمُعَاقَبهمْ عُقُوبَة الْخِدَاع فَأَخْرَجَ خَبَره عَنْ جَزَائِهِ إِيَّاهُمْ وَعِقَابه لَهُمْ مَخْرَج خَبَره عَنْ فِعْلهمْ الَّذِي عَلَيْهِ اِسْتَحَقُّوا الْعِقَاب فِي اللَّفْظ وَإِنْ اِخْتَلَفَ الْمَعْنَيَانِ كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ " وَقَوْله تَعَالَى " فَمَنْ اِعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ " فَالْأَوَّل ظُلْم وَالثَّانِي عَدْل فَهُمَا وَإِنْ اِتَّفَقَ لَفْظهمَا فَقَدْ اِخْتَلَفَ مَعْنَاهُمَا قَالَ وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى وَجَّهُوا كُلّ مَا فِي الْقُرْآن مِنْ نَظَائِر ذَلِكَ . قَالَ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّه أَخْبَرَ عَنْ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ إِذَا خَلَوْا إِلَى مَرَدَتهمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ عَلَى دِينكُمْ فِي تَكْذِيب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ وَإِنَّمَا نَحْنُ بِمَا نُظْهِر لَهُمْ مِنْ قَوْلنَا لَهُمْ مُسْتَهْزِءُونَ فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ يَسْتَهْزِئ بِهِمْ فَيُظْهِر لَهُمْ مِنْ أَحْكَامه فِي الدُّنْيَا يَعْنِي مِنْ عِصْمَة دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ خِلَاف الَّذِي لَهُمْ عِنْده فِي الْآخِرَة يَعْنِي مِنْ الْعَذَاب وَالنَّكَال. ثُمَّ شَرَعَ اِبْن جَرِير يُوَجِّه هَذَا الْقَوْل وَيَنْصُرهُ لِأَنَّ الْمَكْر وَالْخِدَاع وَالسُّخْرِيَة عَلَى وَجْه اللَّعِب وَالْعَبَث مُنْتَفٍ عَنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا عَلَى وَجْه الِانْتِقَام وَالْمُقَابَلَة بِالْعَدْلِ وَالْمُجَازَاة فَلَا يَمْتَنِع ذَلِكَ . قَالَ وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِيهِ رُوِيَ الْخَبَر عَنْ اِبْن عَبَّاس وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَان حَدَّثَنَا بِشْر عَنْ أَبِي رَوْق عَنْ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى " اللَّه يَسْتَهْزِئ بِهِمْ " قَالَ يَسْخَر بِهِمْ لِلنِّقْمَةِ مِنْهُمْ وَقَوْله تَعَالَى " وَيَمُدّهُمْ فِي طُغْيَانهمْ يَعْمَهُونَ" قَالَ السُّدِّيّ عَنْ أَبِي مَالِك وَعَنْ أَبِي صَالِح عَنْ اِبْن عَبَّاس وَعَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ عَنْ اِبْن مَسْعُود وَعَنْ أُنَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَمُدّهُمْ يُمْلِي لَهُمْ وَقَالَ مُجَاهِد يَزِيدهُمْ وَقَالَ تَعَالَى " أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدّهُمْ بِهِ مِنْ مَال وَبَنِينَ نُسَارِع لَهُمْ فِي الْخَيْرَات ؟ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ " وَقَالَ " سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ " قَالَ بَعْضهمْ كُلَّمَا أَحْدَثُوا ذَنْبًا أَحْدَثَ لَهُمْ نِعْمَة وَهِيَ فِي الْحَقِيقَة نِقْمَة وَقَالَ تَعَالَى " فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَاب كُلّ شَيْء حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَة فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِر الْقَوْم الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ " . قَالَ اِبْن جَرِير وَالصَّوَاب نَزِيدهُمْ عَلَى وَجْه الْإِمْلَاء وَالتَّرْك لَهُمْ فِي عُتُوّهُمْ وَتَمَرُّدهمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَنُقَلِّب أَفْئِدَتهمْ وَأَبْصَارهمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّل مَرَّة وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانهمْ يَعْمَهُونَ" وَالطُّغْيَان هُوَ الْمُجَاوَزَة فِي الشَّيْء كَمَا قَالَ تَعَالَى إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَة وَقَالَ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي طُغْيَانهمْ يَعْمَهُونَ فِي كُفْرهمْ يَتَرَدَّدُونَ وَكَذَا فَسَّرَهُ السُّدِّيّ بِسَنَدِهِ عَنْ الصَّحَابَة وَبِهِ يَقُول أَبُو الْعَالِيَة وَقَتَادَة وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَمُجَاهِد وَأَبُو مَالِك وَعَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد فِي كُفْرهمْ وَضَلَالَتهمْ. قَالَ اِبْن جَرِير وَالْعَمَهُ الضَّلَالُ . يُقَال عَمِهَ فُلَانُ يَعْمَهُ عَمَهًا وَعُمُوهًا إِذَا ضَلَّ قَالَ وَقَوْله " فِي طُغْيَانهمْ يَعْمَهُونَ " فِي ضَلَالَتهمْ وَكُفْرهمْ الَّذِي غَمَرَهُمْ دَنَسه وَعَلَاهُمْ رِجْسه يَتَرَدَّدُونَ حَيَارَى ضُلَّالًا لَا يَجِدُونَ إِلَى الْمَخْرَج مِنْهُ سَبِيلًا لِأَنَّ اللَّه قَدْ طَبَعَ عَلَى قُلُوبهمْ وَخَتَمَ عَلَيْهَا وَأَعْمَى أَبْصَارهمْ عَنْ الْهُدَى وَأَغْشَاهَا لَا يُبْصِرُونَ رُشْدًا وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا . وَقَالَ بَعْضهمْ الْعَمَى فِي الْعَيْن وَالْعَمَه فِي الْقَلْب وَقَدْ يُسْتَعْمَل الْعَمَى فِي الْقَلْب أَيْضًا . قَالَ اللَّه تَعَالَى " فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور " وَتَقُول عَمِهَ الرَّجُل يَعْمَهُ عُمُوهًا فَهُوَ عَمِهٌ وَعَامِهٌ وَجَمْعه عُمْهٌ وَذَهَبَتْ إِلَه الْعَمْهَاء إِذَا لَمْ يَدْرِ أَيْنَ ذَهَبَتْ.
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
تفسير ابن كثر - سورة الفاتحة الآية 1 | تواصل | القرآن الكريم

مرحباً بك زائرنا الكريم .. لك حرية الإستفادة والنشر

كتب عشوائيه

  • التوضيح المفيد لمسائل كتاب التوحيد

    كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد : كتاب يحتوي على بيان لعقيدة أهل السنة والجماعة بالدليل من القرآن الكريم والسنة النبوية، وهوكتاب عظيم النفع في بابه، بين فيه مؤلفه - رحمه الله - التوحيد وفضله، وما ينافيه من الشرك الأكبر، أو ينافي كماله الواجب من الشرك الأصغر والبدع، وقد رتبه المصنف أحسن ترتيب، وختم كل باب من أبوابه بمسائل مفيدة هي ثمرة الكتاب، وهذه المسائل لم يتعرض أحد لها بالشرح والتوضيح إلا نادرا، ومنهم الشيخ عبد الله بن محمد الدويش - رحمه الله - وفي هذه الصفحة نسخة من الكتاب.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/205559

    التحميل:

  • حتى تكون أسعد الناس

    حتى تكون أسعد الناس: فهذا كتاب خفيف لطيف اختصرت فيه مؤلفات وعصرت فيه مصنفات, وسميته: (حتى تكون أسعد الناس)، وجعلته في قواعد لعلك تكررها وتطالب نفسك بتنفيذها والعمل بها, وقد اخترت كثيرًا من كلماته من كتابي (لا تحزن) وعشرات الكتب غيره في السعادة.

    الناشر: موقع صيد الفوائد www.saaid.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/324354

    التحميل:

  • الشيخ عبد الرحمن بن سعدي وجهوده في توضيح العقيدة

    الشيخ عبد الرحمن بن سعدي وجهوده في توضيح العقيدة: دراسة علمية لجهود الشيخ الإمام عبد الرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله - في توضيح وتأصيل العقيدة الإسلامية الصحيحة، من خلال كتبه ومؤلَّفاته الكثيرة في ذلك؛ ومنها: «تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنَّان»، ومختصره: «تيسير اللطيف المنَّان»، وشرح كتاب التوحيد، وغير ذلك من كتبه ورسائله - رحمه الله -.

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/344682

    التحميل:

  • رسالة في أصول الفقه للعكبري

    رسالة مختصرة في أصول الفقه للعلامة أبي علي الحسن بن شهاب العكبري الحنبلي، المتوفى سنة أربعمائة وثمانية وعشرين.

    الناشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت http://islam.gov.kw/cms

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/353702

    التحميل:

  • لماذا تدخن؟

    لماذا تدخن؟: فإن التدخين وباءٌ خطير، وشر مستطير، وبلاء مدمر، أضرارُه جسيمةٌ، وعواقبه وخيمة، وبيعه وترويجه جريمةٌ أيما جريمة، وقد وقع في شَرَكِهِ فئام من الناس، فغدا بألبابهم، واستولى على قلوبهم، فعزَّ عليهم تركُه، وصعب في نفوسهم أن يتخلصوا من أسْره، وفي هذه الرسالة حث للمدخنين على تركه.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/172575

    التحميل:

 

اختر سوره

 

اختر اللغة

شبكة تواصل العائلية 1445 هـ
Powered by Quran For All version 2
www.al-naddaf.com ©1445h