تفسير ابن كثر - سورة الفاتحة الآية 1 | تواصل | القرآن الكريم

مرحباً بك زائرنا الكريم .. لك حرية الإستفادة والنشر

تفسير القرطبي - سورة الحجرات - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1) (الحجرات) mp3
قَالَ الْعُلَمَاء : كَانَ فِي الْعَرَبِيّ جَفَاء وَسُوء أَدَب فِي خِطَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَلْقِيب النَّاس . فَالسُّورَة فِي الْأَمْر بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاق وَرِعَايَة الْآدَاب . وَقَرَأَ الضَّحَّاك وَيَعْقُوب الْحَضْرَمِيّ : " لَا تَقَدَّمُوا " بِفَتْحِ التَّاء وَالدَّال مِنْ التَّقَدُّم . الْبَاقُونَ " تُقَدِّمُوا " بِضَمِّ التَّاء وَكَسْر الدَّال مِنْ التَّقْدِيم . وَمَعْنَاهُمَا ظَاهِر , أَيْ لَا تُقَدِّمُوا قَوْلًا وَلَا فِعْلًا بَيْن يَدَيْ اللَّه وَقَوْل رَسُوله وَفِعْله فِيمَا سَبِيله أَنْ تَأْخُذُوهُ عَنْهُ مِنْ أَمْر الدِّين وَالدُّنْيَا . وَمَنْ قَدَّمَ قَوْله أَوْ فِعْله عَلَى الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ قَدَّمَهُ عَلَى اللَّه تَعَالَى لِأَنَّ الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يَأْمُر عَنْ أَمْر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ .

وَاخْتُلِفَ فِي سَبَب نُزُولهَا عَلَى أَقْوَال سِتَّة :

الْأَوَّل : مَا ذَكَرَهُ الْوَاحِدِيّ مِنْ حَدِيث اِبْن جُرَيْج قَالَ : حَدَّثَنِي اِبْن أَبِي مُلَيْكَة أَنَّ عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِمَ رَكْب مِنْ بَنِي تَمِيم عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ أَبُو بَكْر : أَمِّرْ الْقَعْقَاع بْن مَعْبَد . وَقَالَ عُمَر : أَمِّرْ الْأَقْرَع بْن حَابِس . فَقَالَ أَبُو بَكْر : مَا أَرَدْت إِلَّا خِلَافِي . وَقَالَ عُمَر : مَا أَرَدْت خِلَافك . فَتَمَادَيَا حَتَّى اِرْتَفَعَتْ أَصْوَاتهمَا , فَنَزَلَ فِي ذَلِكَ : " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ اللَّه وَرَسُوله - إِلَى قَوْله - وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُج إِلَيْهِمْ " . رَوَاهُ الْبُخَارِيّ عَنْ الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الصَّبَّاح , ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيّ أَيْضًا .

الثَّانِي : مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَسْتَخْلِف عَلَى الْمَدِينَة رَجُلًا إِذَا مَضَى إِلَى خَيْبَر , فَأَشَارَ عَلَيْهِ عُمَر بِرَجُلٍ آخَر , فَنَزَلَ : " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ اللَّه وَرَسُوله " . ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيّ أَيْضًا .

الثَّالِث : مَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيّ عَنْ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْفَذَ أَرْبَعَة وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابه إِلَى بَنِي عَامِر فَقَتَلُوهُمْ , إِلَّا ثَلَاثَة تَأَخَّرُوا عَنْهُمْ فَسَلِمُوا وَانْكَفَئُوا إِلَى الْمَدِينَة , فَلَقَوْا رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي سُلَيْم فَسَأَلُوهُمَا عَنْ نَسَبهمَا فَقَالَا : مِنْ بَنِي عَامِر لِأَنَّهُمْ أَعَزّ مِنْ بَنِي سُلَيْم فَقَتَلُوهُمَا , فَجَاءَ نَفَر مِنْ بَنِي سُلَيْم إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى فَقَالُوا : إِنَّ بَيْننَا وَبَيْنك عَهْدًا , وَقَدْ قُتِلَ مِنَّا رَجُلَانِ , فَوَدَاهُمَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِائَةِ بَعِير , وَنَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَة فِي قَتْلهمْ الرَّجُلَيْنِ .

وَقَالَ قَتَادَة : إِنَّ نَاسًا كَانُوا يَقُولُونَ لَوْ أُنْزِلَ فِيَّ كَذَا , لَوْ أُنْزِلَ فِيَّ كَذَا ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة .

اِبْن عَبَّاس : نُهُوا أَنْ يَتَكَلَّمُوا بَيْن يَدَيْ كَلَامه .

مُجَاهِد : لَا تَفْتَاتُوا عَلَى اللَّه وَرَسُوله حَتَّى يَقْضِي اللَّه عَلَى لِسَان رَسُوله , ذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ أَيْضًا .

الْحَسَن : نَزَلَتْ فِي قَوْم ذَبَحُوا قَبْل أَنْ يُصَلِّي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُعِيدُوا الذَّبْح .

اِبْن جُرَيْج : لَا تُقَدِّمُوا أَعْمَال الطَّاعَات قَبْل وَقْتهَا الَّذِي أَمَرَ اللَّه تَعَالَى بِهِ وَرَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

قُلْت : هَذِهِ الْأَقْوَال الْخَمْسَة الْمُتَأَخِّرَة ذَكَرَهَا الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ , وَسَرَدَهَا قَبْله الْمَاوَرْدِيّ .

قَالَ الْقَاضِي : وَهِيَ كُلّهَا صَحِيحَة تَدْخُل تَحْت الْعُمُوم , فَاَللَّه أَعْلَم مَا كَانَ السَّبَب الْمُثِير لِلْآيَةِ مِنْهَا , وَلَعَلَّهَا نَزَلَتْ دُون سَبَب , وَاَللَّه أَعْلَم .

قَالَ الْقَاضِي : إِذَا قُلْنَا إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي تَقْدِيم الطَّاعَات عَلَى أَوْقَاتهَا فَهُوَ صَحِيح ; لِأَنَّ كُلّ عِبَادَة مُؤَقَّتَة بِمِيقَاتٍ لَا يَجُوز تَقْدِيمهَا عَلَيْهِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْم وَالْحَجّ , وَذَلِكَ بَيِّن . إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاء اِخْتَلَفُوا فِي الزَّكَاة , لَمَّا كَانَتْ عِبَادَة مَالِيَّة وَكَانَتْ مَطْلُوبَة لِمَعْنًى مَفْهُوم , وَهُوَ سَدّ خَلَّة الْفَقِير ; وَلِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِسْتَعْجَلَ مِنْ الْعَبَّاس صَدَقَة عَامَيْنِ , وَلِمَا جَاءَ مِنْ جَمْع صَدَقَة الْفِطْر قَبْل يَوْم الْفِطْر حَتَّى تُعْطَى لِمُسْتَحِقِّيهَا يَوْم الْوُجُوب وَهُوَ يَوْم الْفِطْر , فَاقْتَضَى ذَلِكَ كُلّه جَوَاز تَقْدِيمهَا الْعَام وَالِاثْنَيْنِ . فَإِنْ جَاءَ رَأْس الْعَام وَالنِّصَاب بِحَالِهِ وَقَعَتْ مَوْقِعهَا . وَإِنْ جَاءَ رَأْس الْعَام وَقَدْ تَغَيَّرَ النِّصَاب تَبَيَّنَ أَنَّهَا صَدَقَة تَطَوُّع . وَقَالَ أَشْهَب : لَا يَجُوز تَقْدِيمهَا عَلَى الْحَوْل لَحْظَة كَالصَّلَاةِ , وَكَأَنَّهُ طَرَدَ الْأَصْل فِي الْعِبَادَات فَرَأَى أَنَّهَا إِحْدَى دَعَائِم الْإِسْلَام فَوَفَّاهَا حَقّهَا فِي النِّظَام وَحُسْن التَّرْتِيب . وَرَأَى سَائِر عُلَمَائِنَا أَنَّ التَّقْدِيم الْيَسِير فِيهَا جَائِز ; لِأَنَّهُ مَعْفُوّ عَنْهُ فِي الشَّرْع بِخِلَافِ الْكَثِير . وَمَا قَالَهُ أَشْهَب أَصَحّ , فَإِنَّ مُفَارَقَة الْيَسِير الْكَثِير فِي أُصُول الشَّرِيعَة صَحِيح وَلَكِنَّهُ لِمَعَانٍ تَخْتَصّ بِالْيَسِيرِ دُون الْكَثِير . فَأَمَّا فِي مَسْأَلَتنَا فَالْيَوْم فِيهِ كَالشَّهْرِ , وَالشَّهْر كَالسَّنَةِ . فَإِمَّا تَقْدِيم كُلِّيّ كَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ , وَإِمَّا حِفْظ الْعِبَادَة عَلَى مِيقَاتهَا كَمَا قَالَ أَشْهَب .

قَوْله تَعَالَى : " لَا تُقَدِّمُوا بَيْن يَدَيْ اللَّه " أَصْل فِي تَرْك التَّعَرُّض لِأَقْوَالِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِيجَاب اِتِّبَاعه وَالِاقْتِدَاء بِهِ , وَكَذَلِكَ قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضه : ( مُرُوا أَبَا بَكْر فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ) . فَقَالَتْ عَائِشَة لِحَفْصَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا : قُولِي لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْر رَجُل أَسِيف وَإِنَّهُ مَتَى يَقُمْ مَقَامك لَا يُسْمِع النَّاس مِنْ الْبُكَاء , فَمُرْ عُمَر فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ . فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّكُنَّ لَأَنْتُنَّ صَوَاحِب يُوسُف . مُرُوا أَبَا بَكْر فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ) . فَمَعْنَى قَوْله ( صَوَاحِب يُوسُف ) الْفِتْنَة بِالرَّدِّ عَنْ الْجَائِز إِلَى غَيْر الْجَائِز . وَرُبَّمَا اِحْتَجَّ بُغَاةُ الْقِيَاس بِهَذِهِ الْآيَة . وَهُوَ بَاطِل مِنْهُمْ , فَإِنَّ مَا قَامَتْ دَلَالَته فَلَيْسَ فِي فِعْله تَقْدِيم بَيْن يَدَيْهِ . وَقَدْ قَامَتْ دَلَالَة الْكِتَاب وَالسُّنَّة عَلَى وُجُوب الْقَوْل بِالْقِيَاسِ فِي فُرُوع الشَّرْع , فَلَيْسَ إِذًا تَقَدُّم بَيْن يَدَيْهِ .

يَعْنِي فِي التَّقَدُّم الْمَنْهِيّ عَنْهُ .

لِقَوْلِكُمْ

بِفِعْلِكُمْ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
تفسير ابن كثر - سورة الفاتحة الآية 1 | تواصل | القرآن الكريم

مرحباً بك زائرنا الكريم .. لك حرية الإستفادة والنشر

كتب عشوائيه

  • مفاتيح العربية على متن الآجرومية

    متن الآجرومية لأبي عبدالله محمد بن محمد بن داود الصنهاجي المعروف بـابن آجروم متن مشهور في علم النحو، وقد تلقاه العلماء بالقبول، وتتابعوا على شرحه، ومن هذه الشروح: شرح فضيلة الشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك - رحمه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2539

    التحميل:

  • هل بشر الكتاب المقدس بمحمد صلى الله عليه وسلم؟

    هل بشر الكتاب المقدس بمحمد صلى الله عليه وسلم ؟ : يقول الله تعالى في كتابه الكريم { وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدى اسمه أحمد }. الصف:6 والنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - هو النبي الوحيد الذي أرسل بعد عيسى - عليه السلام -، ولا يعترف النصارى بأن هناك نبي أتى من بعد عيسى - عليه السلام -؛ ونحن الآن بصدد إثبات أن عيسى المسيح وموسى - عليهما السلام - قد بشرا برسول سوف يأتي من بعدهما، وسيكون ذلك أيضا من بين نصوص الكتاب المقدس كما بينه هذا الكتاب المبارك الذي يصلح أن يكون هدية لكل نصراني ويهودي...

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/228827

    التحميل:

  • مطوية الدعاء من الكتاب والسنة

    مطوية الدعاء من الكتاب والسنة: فهذه أدعية جامعة نافعة، اختصرها المؤلف - حفظه الله - من كتابه: «الدعاء من الكتاب والسنة».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/339731

    التحميل:

  • إظهار الحق

    إظهار الحق : يعتبر هذا الكتاب أدق دراسة نقدية في إثبات وقوع التحريف والنسخ في التوراة والإنجيل، وإبطال عقيدة التثليث وألوهية المسيح، وإثبات إعجاز القرآن ونبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، والرد على شُبه المستشرقين والمنصرين.

    المدقق/المراجع: محمد أحمد ملكاوي

    الناشر: الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالرياض http://www.alifta.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/73718

    التحميل:

  • الفقه والاعتبار في فاجعة السيل الجرار

    الفقه والاعتبار في فاجعة السيل الجرار: فإن من ابتلاء الله تعالى لخلقه ما حدث من سيولٍ عارمةٍ في مدينة جدَّة نتجَ عنها غرقٌ وهلَع، ونقصٌ في الأموال والأنفس والثمرات. إنها فاجعة أربعاء جدة الثامن من ذي الحجة لعام ألف وأربعمائة وثلاثين من الهجرة، والتي أصابَت أكثر من ثُلثي المدينة، وأنتجَت أضرارًا قُدِّرَت بالمليارات. ولذا فإن هذه الورقات تُبيِّن جزءًا من حجم هذه الكارثة وأثرها، وما الواجب علينا تجاهها.

    الناشر: موقع الشيخ محمد صالح المنجد www.almunajjid.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/341878

    التحميل:

 

اختر سوره

 

اختر اللغة

شبكة تواصل العائلية 1445 هـ
Powered by Quran For All version 2
www.al-naddaf.com ©1445h