بسم الله الرحمن الرحيم

استقبال شهر رمضان:

وأقبلت يا رمضان تستحثّ النفوس التي أسنت أن تغير سوادها بياضاً ناصعاً ينفذ منه كل خير فترسم للطهر والطهارة أجمل صورة في نفس أظلمت .. أقبلت يا شهر الخير تهبُّ نسائم الشوق لتحرك قلباً إلى ذي العرش فتتعالى روحه عن ركام دنيا فانية أقبلت يا رمضان لتأخذ بيد كل تائهٍ فترشده الطريق أن امضي من هاهنا حيث سبقك الصحب أقبلت يا شهر الخير لتقول لدنيانا أن توقفي في نفوسنا ..ولهمومنا..أن تباعدي وتوحدي بالهمّ الأكبر رضا ربنا واملئي صحائف أيامك بيض أقوال وأعمال..واحملي قلوباً طال رقادها على جناح طير لتعلو عن سفول بل واحمليها على هام سحاب لتعتلي وتعتلي وترى دنياها بعين عبدٍ فرّ إلى مولاه.. أقبلت يا شهر المحبة لتطرق على قلوبنا طرقاً يفوح من عبير الشوق فمع كل طرقة يزداد شوقنا ومع كل خفقة تعلو نفوسنا ومع كل نسمة تترحل أرواحنا بعيداً عن قيد ..لتحط أجنحة الشوق في جنات عدن فيالذة البقاء..ويالذة نالها الواصلين!! أقبلت يا رمضان.. لتشرق نفسي مع صباح يومي.. لأعاهد نفسي أن أبرمي ميثاق قوة واعتلي صرح أمل واصعدي قمة جبل وحدثي لياليك بحديث الأسحار الزكي وابعثي رسائل شوق وانكسار واسلكي سبيل الخائفين المحبين وكوني من أوليائه فلعل مداد رحمة وقضاء حكمة يخرجك من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ((في مقعد صدق ٍ عند مليكٍ مقتدر)).

قال الغزالي في ‏[‏خواص القرآن‏]‏‏:‏

 "مقاصد القرآن ستة ثلاثة مهمة وثلاثة تتمة الأولى‏:‏ تعريف المدعو إليه كما أشير إليه بصدرها وتعريف الصراط المستقيم وقد صرح به فيها وتعريف الحال عند الرجوع إليه تعالى وهو الآخرة كما أشير إليه بقوله‏:‏ ‏{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}‏ والأخرى‏:‏ تعريف أحوال المطيعين كما أشار إليه بقوله ‏{الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ }‏ وتعريف منازل الطريق كما أشير إليه بقوله‏:‏ ‏{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}

من كتاب أسرار ترتيب القرآن
للمؤلف
عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين ، الخضيري ، المعروف بـ جلال الدين السيوطي